الخميس، 28 ديسمبر 2017

كتاب مجتمع الطوارق في عالم العولمة - Tuareg Society Within a Globalized World


يعد كتاب "مجتمع الطوارق في عالم العولمة" أحدث وأشمل دراسة عن الطوارق (كَلْ تَمَاشَقْ)، وقد نشر في عام 2010 م. وما يميز هذا الكتاب أنه من تأليف نخبة من الباحثين كل ساهم في فصل من فصوله حسب تخصصه، وهنا أتقدم بترجمة مقدمة ومراجعة الكتاب، واللتان تحويان الكثير من اللمحات التاريخية، وتوضيحا لكثير من المسائل المُشكلة على أبناء هذه الأمة أنفسهم قبل غيرهم. وآمل أنه بقراءتهما سيزول الغموض لدى القارئ فيما يتعلق بالإشكالات السياسية والاقتصادية والثقافية واللغوية التي يواجهها كل تماشق اليوم.


الخميس، 27 يوليو 2017

قضية الطوارق ... إشكالية انعدام الدولة وحسب.



خريطة وطن الطوارق

إن أمة لها من مقومات الأرض والتاريخ والحضارة والثقافة واللغة ما لأمة الطوارق يفترض أن تتبوأ مكانة عالية بين الأمم. وكل من يسبر أغوار عالم الطوارق تنتابه الدهشة لما آلت إليه هذه الأمة من تخلف برغم كل هذه المقومات، ومرد ذلك إلى الإشكال التاريخي الذي أصاب هذه الأمة والمتمثل بعدم قيام دولة تمثلها؛ بسبب مقاومتها الشرسة للاستعمار الفرنسي الذي قرر أن ينتقم منها بشرذمة أبنائها بين خمس دول؛ ليصبحوا أقليات في دولهم الجديدة. الأمر الذي انعكس على أحوالهم على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتعليمية.

على المستوى السياسي لا يملك الطوارق من أمرهم شيء؛ فهم ممثلون بشكل محدود جدا في حكومات بلدانهم؛ وبذلك لا تتاح لهم الفرصة ليشاركوا في صنع القرارات السياسية التي ستؤثر عليهم بلا شك كسائر السكان.


أما على المستوى الاقتصادي فمناطق الطوارق مهمشة إذا ما قورنت ببقية المناطق في دولهم، بالرغم من أنها تحوي أكبر مخزون للطاقة في إفريقيا حسب قناة الجزيرة؛ ففي مالي وبوركينا فاسو والنيجر تفتقد مناطق الطوارق لأساسيات الحياة من إسكان وتعليم وصحة ووظائف، بالرغم من أن مناطق الطوارق في هذه الأخيرة تحوي احتياطيات هائلة من اليورانيوم إلا أن احتكار الشركات الأجنبية ممثلة في أريفا الفرنسية وفساد حكومة النيجر حرم الطوارق هناك من الاستفادة من هذه الموارد، وأما في إقليم أزواد شمال مالي فقد أثبتت عمليات التنقيب والاستكشاف وجود احتياطيات معتبرة من النفط والمعادن المختلفة أهمها اليورانيوم والتي لم تستغل بعد لضعف إدارة حكومة باماكو وعجزها، وأما في ليبيا والجزائر اللتان تستغلان فعلا حقولا نفطية وغازية في مناطق الطوارق فيهما، فلم توظفا العوائد المتحصلة  في الارتقاء بمناطق الطوارق؛ لتوازي مثيلاتها في الشمال حيث صرفت جل العوائد هناك.

وأما على الصعيد الثقافي، فقد أهلمت كل هذه الدول ثقافة الطوارق، حيث لم ترع لغتهم بإدماجها كما ينبغي في المجالات الإعلامية والصحفية والتعليمية، مما أدى إلى نشوء جيل جديد من أبناء الطوارق خاصة في ليبيا والجزائر لا يعرف لغته حق المعرفة؛ لأن اللغة العربية بلهجاتها الدارجة المختلفة حلت محلها كلغة تداول يومي، وأما في مالي والنيجر وبوركينا فاسو؛ فلأن السلطة في هذه البلدان لا تأثير فعلي لها على مناطق الطوارق سوى حقيقة أنها جزء من حدودها السياسية؛ فقد بقيت اللغة الطارقية هناك تستخدم كما في الماضي بصورتها الشفهية فقط دون أن تدمج في الميادين المختلفة كما يجب.

وعلى الصعيد التعليمي فقد نتج عن عدم إقامة المدارس والمعاهد والجامعات في مناطق الطوارق خاصة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو عدم تكون نخب متعلمة من الطوارق بالشكل المطلوب، وهو ما أثر سلبا على قدرتهم في إيصال قضيتهم للعالم، وكذلك أثر على قدرتهم في خدمة هويتهم ولغتهم وثقافتهم بالمؤلفات والبحوث والدراسات، وهو فعلا ما كانت هذه الدول تريده أن يتحقق، ولم يكن لصاحب هذه السطور أن يخطها لو لم تكتب له الأقدار أن يولد في بلاد المهجر بعيدا عن أرض أسلافه.

وأخيرا على الصعيد الاجتماعي فقد تسبب تقسيم أرض الطوارق بين الدول الخمس في زعزعة التركيب الاجتماعي لأمة الطوارق، حيث نتج عنه تفريق شمل القبائل، وعزل فروعها عن بعض.

لو كتب للطوارق الاستقلال منذ ستينيات القرن الماضي عندما استقلت دول المنطقة، لكان لدولتهم شأن سياسي محوري؛ لكون أرضهم تحوي أكبر مخزون للطاقة في إفريقيا، ولتكونت منهم نخب في شتى المجالات، ولتبوأت لغتهم وثقافتهم المنزلة الرفيعة التي تستحقها.




الخميس، 15 يونيو 2017

المرامي الحقيقية للتدخل الفرنسي في أزواد


المراقب لما يجري في أزواد منذ عام 2013 م يدرك أن فرنسا لم تتدخل لمحاربة الإرهاب كما زعمت، وإنما هناك أهداف مبطنة خلف هذا التدخل. وأهم هذه الأهداف إجهاض حلم الدولة الأزوادية الذي كان على وشك التحقق، وفرض الوصاية على ثروات الشعب الأزوادي، والتي حسب الاستكشافات تقدر بملايين الأطنان من المعادن المختلفة، وأحواض نفطية يمكن أن تستغل تجاريا بسهولة. وما يؤكد أهمية هذه الثروات هو عدد الدول التي انضمت لبعثة الأمم المتحدة "مونسيما" التي تأسست عام 2013 م، والتي يبلغ عددها حوالي 39 دولة، وتضم هذه الدول عددا من الدول العظمى على رأسها فرنسا قائدة التدخل، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، والصين، حيث تهدف هذه الدول كما يتضح لتقدير حجم الثروات في أزواد من أجل إيجاد موطئ قدم لشركاتها هناك مستقبلا.


الاحتياطيات النفطية الممكنة في أزواد قد جذبت اهتمام المسثمرين منذ زمن بعيد. فهذه الاحتياطيات الممكنة قد وثقّت منذ السبعينيات بشكل متقطع، وقد كشفت عمليات التنقيب دلائل محتملة لوجود النفط. أزواد قد يزود طريق نقل استراتيجي للنفط والغاز من دول إفريقيا جنوب الصحراء للتصدير إلى العالم الغربي، وهناك احتمالية لربط حوض تودني بالسوق الأوروبي من خلال الجزائر. وقد بدأ العمل بالفعل لإعادة تقدير البيانات الجيولوجية والجيوفيزيائية المجمعة، مع التركيز على الأحواض الرسوبية التالية: تودني، وتمسنا، وإولميدان، وغاو، ونارا.



وأما عن الثروات المعدنية في أزواد؛ فهناك علامات مشجعة على وجود اليورانيوم، حيث تجري الاستكشافات على قدم وساق. هذه الاستكشافات تنفذ حاليا من قبل شركات عديدة، حيث الدلائل واضحة على وجود احتياطيات لليورانيوم في أزواد. فمنطقة غاو وحدها يُعتقد أنها تحوي 200 طن من اليوارنيوم.


الثروات المعدنية الأخرى في أزواد، تضم:



                     احتياطيات الصخور الكلسية: 2.2 مليون طن مقدرة في شمال غوندام(Nord de Goundam).

                   النحاس: هناك احتياطيات محتملة في واتغونا (Ouatagouna).


                     الجبس: 35 مليون طن مقدرة في تودني (Taoudenit)، و0.37 مليون طن مقدرة في شمال تساليت (Nord de Tessalit).

                     الكاولين: الاحتياطيات الممكنة تقدر بمليون طن وتقع في غاو.

                     الفوسفات: هناك احتياطيات في أزواد تقدر بـ10 ملايين طن.

                     الرصاص والزنك: 1.7 مليون طن من الاحتياطيات مقدرة في تساليت (Tessalit).

                     الليجنيت: 1.3 مليون طن مقدرة وفقا للدلائل في بورم(Bourem).

                     صخور الملح: 53 مليون طن مقدرة في تودني.

                     الدياتوميت: 65  مليون مقدرة في دونا بيهري (Douna Behri).


وأما الأحجار الكريمة: فتتضمن التالي وتوجد في:


                     غورما(Gourma): معدن الغارنيت.

                     أدرار إن إيفوغاس (Adrar des Ilforas): البغماتايت والمعادن المتحولة.

                     هومبري (Hombori): الكوارتز والكربونات.


يتضح الآن بجلاء السبب الحقيقي للتدخل الفرنسي في أزواد، ولماذا هذا العدد الكبير من الدول قد انضم لبعثة الأمم المتحدة المشاركة هناك، فالجميع يريد أن يضمن لنفسه حصة من الكعكة، والخاسر الوحيد هو الشعب الأزوادي الذين يعاني ويلات اللجوء، ويقاسي الحرمان، ومن تبقى منه في أزواد لا زال يعيش حياة بدائية دون أبسط مقومات الحياة، فلا تعليم، ولا صحة، ولا وظائف.

_______________________________________________________________

المراجع